الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ، مقولة نسمعها ونحفظها جميعا ونرددها ونوصي بها بعضنا بعضا ، وعلى الرغم من ذلك فلم أجد اثنين اختلفا في الأراء ووجهات النظر - تحديدا - إلا وأفسد الخلاف بينهما ودا إن لم يكن الود كله ، حتى يفترقا ويتخاصما وربما زج أحدهما بالآخر إلى السجن .
نجد هذا بين المفكرين والمبدعين والسياسيين والصحفيين والأدباء والعلماء ، ورجال الدين أيضا ، ونجده في كل أنواع الثقافات تقريبا سواء كانت سياسية أوعلمية أو أدبية ... الخ ، أو حتى دينية .
فما إن يبدي أحدنا رأيا أو وجهة نظر أو انطباعا في موضوع ما ، أو تلوح في أفق النقاش ثمة خلافا أواختلافا ، إلا ويتبدى التوتر والقلق في الردود والانفعالات المتبادلة وفي الحروف والكلمات ، ويتبين من خلال ذلك أن كل الذين يدعون أنهم لا يضيقون بالنقد هم غير صادقين وغير معبرين عن الحقيقة المؤلمة .
والغريب أن أكثر المختلفين يؤمنون بأن الاختلاف سنة الله في كونه ، وأنه سبحانه وتعالى جعل الاختلاف صفة أصيلة وفطرية في الانسان ، فذلك قوله تعالى: "وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ... (119)"(هود) ، أي حتى لو جعلهم سبحانه تعالى أمة واحدة ولم يجعلهم أمما متفرقة وأجناسا وشعوبا ولغات مختلفة كما هو الحال لقوله تعالى " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ... الآية " (الحجرات 13) لاختلفوا أيضا .
والاختلاف هنا ليس اختلافا في اللغات والهيئات والصور والألوان والطباع وغير ذلك مما هو معلوم وظاهر ومتفق عليه ، ولا في المعتقدات والمذاهب والملل والنحل فحسب ، ولكنه يمتد إلى ما هو أبعد من كل هذا ليشمل الاختلاف في الأراء والأفكار وفي الاستيعاب والفهم أيضا .
والغريب أيضا أن أكثر المختلفين يؤمنون بأن الاختلاف حالة إيجابية مفيدة ، وأنه لابد منه في أي نقاش يجري لما في ذلك من فوائد كثيرة وكبيرة ، فأعقل الناس من جمع إلى عقله عقول الناس ، فاستفاد من تعدد الآراء والمناقشات لتدعيم رأيه إذا توافق مع رأي غيره أو تصحيحه إذا اختلف
فهل الخلاف في الرأي فعلا لا يفسد للود قضية ؟
وهل أنت صديقي على قناعة كلية بهذا المنطق ؟
وماهي أسباب لا أقول الخلاف في الرأي ولكن ما يؤدي إليه هذا الخلاف من افساد الود .
أرجو النقاش