و قال تعالى : ( الذين إذا أصابتهم مصيبةٌ قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمةٌ و أولئك هم المهتدون ) البقرة 156-157
أحبتي في الله هذه قصة حقيقة لأخانا في الله خلدون سنجاب الذي
قهر اليأس و أصبح أفضل مبرمج في الشرق الأوسط لأنه آمن بقضاء الله تبارك و تعالى ورحمته.
صورة لي قبل شهر من الحادثة
سيخبرنا قصته بكلماته هو :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلقني وأنعم علي بحياتي, وهو القادرعلى أن يحيي عظامي وهي رميم, والحمد لله الذي منحني سمعا وبصرا وفؤادا لأتفكر فيملكوته, والحمد لله الذي وهبني عقلا هداني به إلى الحق وقلبا ثبتني به على الإسلام, والحمد لله الذي جعل لي لسانا أذكره به وأصلي وأسلم به على رسوله الكريم وعلى آلهوأصحابه أجمعين.
الحادث
في أواخر الصيف يوم الخميس 26 ربيع الأول 1415والموافق لـ 1 من أيلولسبتمبر 1994 وبينما كنت أسبح في بحر ساحل طرطوس، اعتليتقاربا كان يقترب من الشاطئ دون أن أنتبه. قفزت إلى الماء إلا أنه كان ضحلا للغايةفارتطم رأسي بقعر البحر. وفقدت وعيي إثرها لبرهة، وعندما أفقت وجدتهم يحملونني منذراعيّ ورجليّ باحثين عن عربة ليسعفوني إلى مستشفى بسرعة. لم أستطع الكلام. فقدتوعيي مجددا في السيارة وبدأت بالاختناق وأصبحت مزرقا، حينها قام أحدهم بالنفخ فيفمي مما مكنني من التنفس حتى وصلنا إلى مستشفى طرطوس الوطني. وفي المستشفى تقرر أنهيتوجب نقلي إلى دمشق.
في دمشق أظهرت الصور كسرا في الوجار (الناتئ السني) للفقرة الرقبية الثانية، مما تسبب بأذية مستديمة في النخاع الشوكي. ولأن الإصابةكانت في أعلى العمود الرقبي أصبحت مشلولا رباعيا وبسبب شلل الحجاب الحاجز أصبحتمعتمدا على المنفسة. بقيت في غرف العناية المشددة مرتبطا بالمنفسات لأكثر من 7 أشهرمتنقلا بين أربع مستشفيات. وأخيرا قرر أبي استيراد منفسة منزلية، فانتقلت إلىالمنزل.
صورتي الآن في المنزل
عائلتي
كان وقع الحادث على عائلتي في غاية القسوة. خاصةعلى أمي، والتي سرعان ما أصيبت بالسرطان وتوفيت في 17 ذو الحجة 1417 الموافق لـ 24نيسان 1997. بذلت رحمها الله أقصى ما تستطيع وهي تحاول أن تجد لي علاجا. ولم تسمعبطبيب أو شيخ أو مدع إلا وأتت به أو أخذتني إليه ولم أسلم حتى من المشعوذينوالرهبان غفر الله لها. وقد أولتني منذ نعومة أظفاري عناية فائقة خاصة في مجالالعلم. حصلت والدتي حنان القهوجي رحمها الله على شهادة ثانوية بعد ولادتنا (أناوميسون وخلود). ودرست فرع الرياضيات وعينت معيدة في جامعة دمشق لتفوقها، أسكنهاالله فسيح جنانه.
لم يدخر أبي جهدا في معالجتي، وقد بذل الغاليوالنفيس، وقد سافر إلى روسيا وجلب أفضل أساتذة الطب الروس الذين أجروا لي أحد أحدثعمليات تطعيم النخاع الشوكي, والتي استغرقت أكثر من 14 ساعة. والدي عبد الكريمسنجاب مهندس معماري تخرج من سراييفو في يوغسلافيا سابقا. تزوج أبي نادية الحليبيبعد الحادث وأنجب منها إخوتي محمد وهدى (وهما توأمان بعمر 7 سنوات) وعبد المجيد (6سنوات) وأسعد (4 سنوات). وما يزال أبي (إضافة إلى خلود) القائم الأول على رعايتي،وفقه الله وأمد في عمره.
كان للحادث بالغ الأثر على شقيقتي، وخاصة بعد وفاةأمي رحمها الله. والتي سبقت امتحانات الشهادة الثانوية لأختي ميسون بقليل. ورغم ذلكتمكنت من النجاح ودرست في المعهد التجاري وتخرجت بعد سنتين. ثم تزوجت من نعمانالسمان, ورزقا بابنهما قيس وابنتهما جوري. أما أختي خلود فتخرجت من كلية الصيدلة فيجامعة دمشق. تعاونت شقيقتاي مع أمي وأبي على العناية بي، وبعد وفاة أمي وزواج ميسونتحمل أبي وشقيقتي خلود عبء العناية بي, كما أن خالتي ناديةتساعدهم, وفقهم الله جميعهم.
نشأتي
من الله علي بأن أنبتني نباتا حسنا, فقد سخر لي أميطيب ثراها لتقوم على تنشئتي بأفضل ما تستطيع. فقد عملت على توجيهي نحو المطالعة, وأحاطتني بالكتب العلمية القيمة. بعد أن أتممت المرحلة الإعدادية سجلتني أمي فيدورات للغة الإنكليزية و للإلكترونيات وللبرمجة بلغةQBasic والتي كان لها أثر حاسمفي حياتي لاحقا. نلت الشهادة الثانوية صيف 1994 بتفوق أتاح لي الانتساب إلى كليةالطب ومعهد البحوث العلمية لكنني انتسبت إلى كلية الهندسة الإلكترونية في جامعةدمشق نظرا لتعلقي بالإلكترونيات والحاسوب.
عودتي
قضيت أكثر من سبعة أشهر في غرف العناية المشددةمحاطا بأهلي وأصدقائي الذين كانوا خير عون لي في محنتي. وأذكر منهم خالتي هندالقهوجي وأصدقائي حسن الكردي وسامر أبو قبع وحازم ومنال وفادي سنجاب ونزارمصلح.
بعد بضعة أشهر من عودتي إلى المنزل تقريبا استأجرخالي سمير القهوجي حاسوبا لمدة شهر كانت كافية لإعادتي إلى عالم البرمجة. فجلبت بعضالكتب العربية عن البرمجة, وتعلمت لغةC. ثم بدأت بقراءة كتب إنكليزية عن لغةC++ والبرمجة الثلاثية الأبعاد, وقد أهداني صديقاي سامي سنجاب ومازنالرفاعي أهمها. وقد ترجمت كتابين منها بمساعدة كثيرين أذكر منهم ماري بطرس وكارمنسنجاب ولينا الحليبي. وكنت أقرأ مستعينا بأداة لحمل الكتب صنعها صديقي مهران الكرديوالذي صنع لي عدة أجهزة أخرى مفيدة. ثم أحضر لي خالي حاسوبا دائما, فبدأت بتطبيق ماقد تعلمته.
العالم الخارجي
اقتصرت علاقتي مع العالم الخارجي بداية على أصدقائياللذين يزورونني باستمرار. وقد رزقني الله بكثير من الأصدقاء, من مختلف الأعماروالثقافات. وأغلبهم تعرفت عليهم بعد الحادث. وقد أحاطوني بالمحبة والاهتمام, ولميتأخروا عن مد يد العون إلي. وأذكر منهم إضافة لمن ذكرتهم فادي جاموس والذي داومعلى عيادتي مذ عرفني وفخر الدين طعمة ومنير سنجاب ورنا ووارف وعبد العزيز أبو قبعومازن وعماد ومعاوية ومعتصم ومؤيد ومؤمن ومحمد الرفاعي وحسين العلي وعيسى عثمانومحمد وحامد وتوفيق وعبد العزيز السحلي.
بقيت حبيس البيت إلى أن أخذني أصدقائي صيف 1995 إلىمنزل صديقي حسن الكردي في التل في ريف دمشق لعشرة أيام. ومذ ذاك استمر أصدقائيبأخذي صيفا إلى أن سافر صديقي حسن للدراسة. أما الآن فأقضي الصيف مع أهلي في منزلهمفي التل في ريف دمشق.
تطورت علاقتي مع العالم الخارجي بعد حصولي علىاتصال بالانترنت بمساعدة ابن عمتي معاوية الرفاعي, فأصبح لدي أصدقاء في شتى أصقاعالمعمورة, والكثير منهم لم يروني إلا بالصور. كما أن موقعي على الشبكة غدا وسيلةفعالة للتواصل مع الآخرين.
أثناء عملي في المنزل
عملي
بمساعدة صديقَيّ الدكتور نسيم رتيب والمهندس أسامةالمصري, أصبحت أعمل فيTiger Production منذ أيلول 1999. وهي الفرع البرمجي لـYoung Future, وهي شركةإعلامية ترفيهية وتعليمية للأطفال, وتتبع لها شركةVenus للإنتاج الفني وقناةSpaceToon الفضائية. لدي العديد منالمساهماتفيTiger Production. كسبت الكثير منالخبرات والأصدقاء أثناء عملي. أذكر منهم المهندسِين سامر حنبلي وسامر سلمى وأحمدالعص ومضر نقشبندي.
وسائلي للاتصال
بسبب إعاقتي, لم أكن قادرا على استخدام لا لوحةالمفاتيح ولا الفأرة. ولذلك كنت أتواصل مع الحاسوب من خلال موظفة تطبق ما ألقنهاإياه, وأذكر هناء مصطفى ودلال. وكنت أرى النتائج باستخدام شاشة عرض موضوعة إلىجانبي. قام صديقي المهندس عيد عبيد بمحاولة تصنيع فأرة إلكترونية إلا أن محاولته لمتنجح. فقام صديقي الدكتور نسيم رتيب بصناعة فأرة لأستخدمها بشفتي السفلى ولساني. فأصبحت أتواصل مع الحاسوب بنفسي للمرة الأولى. وقد تطورت الفأرة عبر عدة مراحل حتىوصلت لشكلها الحالي بمساعدة صهري نعمان السمان وصديقَيّ فخر الدين طعمة و حسينداغستاني.
وباستخدام تطبيقي الخاص لوحة المفاتيح الفعليةأصبحت قادرا على الكتابة باستخدام الفأرة. وقد استخدمته لكتابة هذا النص.
بمساعدة صديقي المهندس أسامة المصري ومدراءYoung Future, حصلت على شاشة عرض كريستالية. والتي وضعت فوق رأسي بجهود من صديقي بدرالدين طعمة. وهي مريحة أكثر بكثير من سابقتها.
صحتي
وضعي الصحي مستقر تقريبا. ترعاني ممرضة صباحا. ويجري لي صديقي المحامي والمعالج الفيزيائي غسان عيساني معالجة فيزيائية يومية. وأقلب على جنبي كل يومين لبضع ساعات. عانيت من مشاكل مثل الخشكريشات (قروح سريرية), تعافيت من معظمها عدا خشكريشة ظهرية. بمساعدة ابن عمي الدكتور مازن سنجاب وصديقيالمهندس سامر سلمى صححت قصر البصر باستخدام النظارات. يقوم صديقي الدكتور ظافرالرفاعي بفحص أسناني وبمعالجتها. أصبت بريح صدرية متوترة تسببت في انخماص وانزياحالرئة اليسرى والقلب إلى الجانب الأيمن. شفيت من الريح الصدرية بشكل تام بمساعدةصديقي الدكتور خالد محمود والحمد لله. يشرف علي الدكتور ماهر الحليبي عندما تسوءصحتي. يتولى صديقي المهندس أحمد غزولي صيانة جهاز المنفسة سنويا.
منظر كامل لي في المنزل
شكر
الحمد لله أولا وآخرا ودائما وأبدا والشكر له علىكل شيء والأهم هو حياتي وعقلي وإسلامي. (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)
أشكر أمي رحمها الله، التي أنجبتني وأحسنت تربيتيوتعليمي ورعايتي قبل الحادث وبعده. غفر الله لها وأسكنها فسيح جنانه.
أشكر أبي أطال الله عمره وزوجته نادية، لما بذلويبذل من مال وجهد عظيمين منذ نشئتي حتى الآن، أعانهما الله وأمدهما بالصحةوالعافية.
أشكر شقيقتي ميسون وزوجها نعمان السمان وشقيقتيخلود اللتين حرصتا على العناية بي دوما في الوقت الذي كانتا فيه بأمس الحاجة لمنيعتني بهما. وفقهم الله.
أشكر جميع أخوالي وخالاتي وأعمامي وعماتي وجميعأقاربي.
أشكر جميع أصدقائي وكل من أحبوني ومدوا يد العونلي.
كما يمكن مشاهدة حلقة صناع الحياة التي تحدثت عن خلدون سنجاب على الرابط التالي:
الروابط الخارجية مخالفة
يمكن التواصل معه على الإيميل التالي
أما رابط موقعه :
الروابط الخارجية مخالفة