23-11-2008, 12:46 AM
|
|
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: ~{ ღ乂 بـٍ قَـلْـبٍـڪْ تِـلآقٍـنـيٌ .! ღ
المشاركات: 13,568
معدل تقييم المستوى: 825297
|
|
بـيـن الـشــك والـثــقــة
بين الشك والثقة
د. ميسرة طاهر
الإيميل: Dr.Maisarah@yahoo.com
كانت سعيدة جدا مع زوجها وأبنائها، فهي مطيعة لزوجها وهو كذلك، ولم يسمع أحد من القريبين منهم بخلاف بينهما، فقد كانا يملكان آليات صحيحة لمعالجة ما ينتاب حياتهما من خلافات، بدأ حملها الرابع بشكوك في زوجها وبمن حولها، وبدأت تتصور أن من حولها يتآمرون عليها مع زوجها ليطلقها، أو ليتزوج عليها، أو ليرميها، ووصل الأمر بها إلى حد أنها باتت ترفض ركوب السيارة مع زوجها خوفا من أن تكون مؤامرة تنتهي برميه لها في أي مكان لا يكون به أحد، وبالمقابل كانت في بعض الأحيان تصر على مرافقته لأي مكان يريد الذهاب إليه، وحينا تعتذر عن كل ما صدر منها بحق هذا الزوج المحب وحينا آخر تعود لشكوكها، ونحن نستمع من أحد الحضور لهذه القصة بادر الكثيرون لرواية قصص كثيرة يجمعها خيط الشك من الزوجة بالزوج، وعلق أحد الحضور على هذه القصص بقوله: النساء معهن حق فما من دخان بدون نار، وتبادل الجميع التعليق والحديث بين مؤيد ومعارض وبين من يقسم على براءته من شكوك زوجته ومعلق بسخرية على ذلك، استمر الحال كذلك وزاد الصخب حتى التفت أحدهم إلي قائلا: أراك لا تتكلم أليس لك رأي في ما يدور وأنت الذي تصب عنده الكثير من المشكلات الأسرية؟ قلت: ما سمعته لا تنتابني لحظة شك في صدقه كله، فهناك رجال كما أن هناك نساء يقعن في أخطاء تبعث في نفس شريك الحياة الريبة والشك، إلا أن هناك مشكلة كبيرة في ثقافتنا تتعلق بطريقة تفكيرنا كجماعة بشرية تتنفس هذه الثقافة، فثقافتنا سماعية أكثر منها تحريرية مكتوبة، وهنا أتمنى أن لا يخلط أحد بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون، لأن حديثي عما هو كائن، فنحن يغلب علينا عدم التبين وهذه واحدة من أهم أخطاء تفكيرنا لذا لو قارنا بين دور الشائعات في حياتنا ودورها في حياة بعض الأمم لوجدنا أن تأثير الشائعات في حياتنا أكبر باعتبار أن عقلنا يصدق ما يسمع دون أن نبذل الجهد لتمحيص وتبين ما نسمع، ولو رجعنا لقائمة الأمثال الشعبية لوجدنا ما يدعم بعض هذه الشائعات التي تدور حول الرجل في ثقافتنا، والتي منها: "يا مؤمنة للرجال مثل المؤمنة للماء بالغربال" وكأن الأصل في الرجل أن يكون كذوبا وغير صادق، ومما يزيد من القابلية للتصديق سلوك شريحة من الرجال التي تؤكد هذه المقولة، مع العلم أن سلوك بعض النساء ليس أحسن حالا من حيث عدم الالتزام والاستقامة، ومما يزيد مساحة الشك لدى بعض النساء في أزواجهن أنهن يعانين من ثقة واحترام للذات ضعيفات، وينطبق عليهن قول الله عز وجل: «يحسبون كل صيحة عليهم»، ويغلب على هؤلاء النسوة أنهن ربين بطريقة تحط أو تقلل من القيمة كانت نتيجتها أن ثقتهن بأنفسهن صارت أقل مما ينبغي وباتت أرضية مناسبة لتصديق أي شائعة عن الزوج أو تفسير لسلوكه باعتباره إهانة أو خيانة أو إهمالا، ومع الأخذ بعين الاعتبار صفة عدم التبين عندها تصبح المرأة أكثر قابلية لتصديق أو تفسير أي من سلوك الرجل تفسيرا سلبيا، والغريب والمؤسف في آن واحد أن حياة بعض هؤلاء الرجال مع زوجاتهم تتصف برصيد كبير من الاحترام والحب، قال السائل: وما الحل؟ قلت أن يلتزم الزوجان بأمرين أولهما: مراجعة تاريخ الطرف الآخر والتركيز على الجانب الإيجابي من هذا التاريخ، والأمر الثاني التمحيص وعدم الانسياق وراء التفسيرات السريعة والمتعجلة.
|