08-07-2020, 06:16 AM
|
عضو متواصل
|
|
تاريخ التسجيل: Jun 2020
المشاركات: 62
معدل تقييم المستوى: 10
|
|
بيان الأغاليط (5) نجد الفتن والزلازل حيث يطلع قرن الشيطان !
.
هذا الموضوع سأكتبه دفعةً واحدة على خلاف المواضيع السابقة ، وسأحاول الاختصار قدر المستطاع، وبما أرى أن فيه الغنية لكل باحث طالب للحق .
ولا بد من ملاحظة أمر مهم! فنحن لن نتكلم عن ( المشرق ) بعمومه فنحن لا ننكر خروج الفتن من المشرق عمومًا، وإنما نتكلم لمعرفة هذا الجزء المخصوص من المشرق، الذي خُص بكثرة الفتن والزلازل وطلوع قرن الشيطان، وحتى نعرف هذا فلا بد من معرفة بعض الأمور المعينة :
1- لا بد من معرفة موقع ديار ربيعة ومضر :
فنجد المؤرخين وأهل الاختصاص بالبلدان قد تكلموا عن نزول ربيعة ومضر بين دجلة والفرات قبل الإسلام، وعُرفت باسمهم، فسكنت مضر حران وما قرب منها فسميت ديار مضر، وسكنت ربيعة الموصل وما قرب منها فسميت ديار ربيعة، ويذكر المؤرخون لقبيلة تغلب أيام ووقائع هناك .
وقد تأثر بعض قبيلة تغلب بالروم فتنصروا، وعندما جاء الفتح الإسلامي للعراق في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، تنازع بعض الصحابة رضي الله عنهم في حكم ذبائح ونساء نصارى بني تغلب، وقد صالحهم عمر رضي الله عنه بشروط خاصة بهم، وهي مسألة مشهورة في كتب الفقه.
المقصود أن ديار ربيعة ومضر كانت معروفة قبل الإسلام وأنهم كانوا يسكنون هذا الموضع من الأرض ، ومن كتب في البلدان يُعرِّفون هذا الموضع باسم ديار ربيعة ومضر فيقول الاصطخري المتوفى عام 346 هـ في كتاب المسالك والممالك :
وامّا الجزيرة فانّها ما بين دجلة والفرات وتشتمل على ديار ربيعة ومضر !
ويقول الاصطخري أيضًا:
وقد سكن طوائف من العرب من ربيعة ومضر الجزيرة حتّى صارت لهم ديارا ومراعى فلم نذكر الجزيرة فى ديار العرب لانّ نزولهم بها وهى ديار فارس والروم فى اضعاف قرى معمورة ومدن لها اعمال عريضة فنزلوا على خفارة فارس والروم حتّى أنّ بعضهم تنصّر ودان بدين الروم مثل تغلب من ربيعة بارض الجزيرة
انتهى النقل .
وليس الاصطخري هو الوحيد الذي ذكر هذا فهناك غيره مثل الموصلي والإدريسي وغيرهم ، ويقول ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان :
دِيارُ رَبيعَةَ:
بين الموصل إلى رأس عين نحو بقعاء الموصل ونصيبين ورأس عين ودنيسر والخابور جميعه وما بين ذلك من المدن والقرى، وربما جمع بين ديار بكر وديار ربيعة وسميت كلها ديار ربيعة لأنهم كلهم ربيعة، وهذا اسم لهذه البلاد قديم، كانت العرب تحله قبل الإسلام في بواديه، واسم الجزيرة يشمل الكلّ.
ديار مُضَرَ:
ومضر، بالضاد المعجمة: وهي ما كان في السهل بقرب من شرقي الفرات نحو حرّان والرّقّة وشمشاط وسروج وتلّ موزن.
انتهى النقل .
فإذا تبين لك هذا فلن يغمض عليك - إن شاء الله - قول النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه عند البخاري ومسلم :
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ نَحْوَ اليَمَنِ فَقَالَ «الإِيمَانُ يَمَانٍ هَا هُنَا، أَلاَ إِنَّ القَسْوَةَ وَغِلَظَ القُلُوبِ فِي الفَدَّادِينَ، عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ، حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ فِي رَبِيعَةَ، وَمُضَرَ»
2- لا بد من التفريق بين الإطلاق والتقييد ، فمن لا يفرق بينهما يخلط بين كلمة ( نجد ) في حديث المواقيت ، وبين قول الصحابة ( ونجدنا ) في حديث هذا الموضوع .
فإذا قُيدت فإنها تكون خاصة لما قُيدت له، وإذا أُطلقت تكون على المشهور والمتعارف عليه، ففي حديث المواقيت جاءت مطلقة ، بينما في هذا الحديث جاءت مقيدة بقول الصحابة رضي الله عنهم ( ونجدنا )
فمن الخطأ حمل المقيد على المطلق، فالصحابة رضي الله عنهم قالوا ( يا رسول الله، وفي نجدنا ) ولم يقولوا ( ونجد يارسول الله ) فهم يتكلمون عن نجد خاصة بهم وهي كما قال كثير من شراح الحديث أنها بادية العراق لأنها هي النجد بالنسبة للمدينة يقول الخطابي رحمه الله :
نجد من جهة المشرق ومن كان بالمدينة كان نجده بادية العراق ونواحيها وهي مشرق أهل المدينة، وأصل النجد ما ارتفع من الأرض وهو خلاف الغور فإنه ما انخفض منها وتهامة كلها من الغور ومكة من تهامة
انتهى النقل .
وأيده ابن حجر العسقلاني ومنه نقلت ، وغيره من شراح الحديث .
وقد وردت روايات أخرى صحيحة تبين وتوضح المراد بقول رجل ( يا رسول الله، وفي عراقنا )
فإذا تبين لك هذا فلن يحصل لديك التباس - إن شاء الله - عندما تقرأ في صحيح البخاري قول النبي عليه الصلاة والسلام :
اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفِي نَجْدِنَا؟ قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفِي نَجْدِنَا؟ فَأَظُنُّهُ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: «هُنَاكَ الزَّلاَزِلُ وَالفِتَنُ، وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ
3- لا بد من التفريق بين الشرق والمشرق، فمن لا يفرق بينهما يقع في الخلط ، وكذلك لا بد من معرفة لغة أهل المدينة في ذلك الوقت ، فأهل المدينة في ذلك الوقت يعتبرون العراق من ضمن المشرق ، والنبي عليه الصلاة والسلام تكلم بلغتهم .
وهذه من الأمور المعينة على الفهم ، فكثير ممن يتكلم يتكلم بما نشأ عليه ، ويظن أن لسانه في هذا الزمن هو نفس اللسان في ذلك الزمن، وهذا غلط ! وخير من يبين لك هذا الأمر هو قول النبي عليه الصلاة والسلام في صحيح البخاري :
يَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ، وَيَقْرَءُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لاَ يَعُودُونَ فِيهِ حَتَّى يَعُودَ السَّهْمُ إِلَى فُوقِهِ»، قِيلَ مَا سِيمَاهُمْ؟ قَالَ: " سِيمَاهُمْ التَّحْلِيقُ - أَوْ قَالَ: التَّسْبِيدُ -
ومعلوم أن هؤلاء الناس الموصوفون بهذه الصفة في حديث أبي سعيد الخدري إنما خرجوا في العراق في عهد علي رضي الله عنه !
وكذلك في صحيح مسلم قول سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ مَا أَسْأَلَكُمْ عَنِ الصَّغِيرَةِ، وَأَرْكَبَكُمْ لِلْكَبِيرَةِ سَمِعْتُ أَبِي عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الْفِتْنَةَ تَجِيءُ مِنْ هَاهُنَا» وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ «مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ» وَأَنْتُمْ يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ
وهذا مما يدلك على أن العراق داخل في مشرق المدينة .
فإذا تبين لك هذا وضممته إلى سابقيه، مع ما رأيت من أقوال أهل العلم من شراح الأحاديث وما ذكره المؤرخون والجغرافيون قبل مجيئ الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ، حصل لك من العلم ما تكشف به أغاليط أهل الأهواء والبدع في محاولتهم صرف هذا التخصيص عن هذا الموضع إلى موضع آخر !
تم بحمد الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحب أن أكرر وأنبه على الملاحظة المهمة وهي أننا لا نتكلم عن المشرق بعمومه، فنحن لا ننكر خروج الفتن من المشرق، وإنما نتكلم لمعرفة ( نجد ) ولبيان هذا الجزء المخصوص من المشرق بكثرة القتن والزلازل وطلوع قرن الشيطان .
<
.
التعديل الأخير تم بواسطة alharbe12 ; 08-07-2020 الساعة 06:34 AM
|