تلعثم لساني ولم استطع الحديث مع الرجل كونه كان شاحب الوجه ومشاكل وهموم الدنيا تراها في مقلة عينية بادرت بالسلام لأخرج محفظتي كي أعطيه مبلغ من المال إلا أنه فاجأني ..... "لآ أريد مالاً أريد وظيفة"
عرفت بنفسي وعرضت عليه أن أساعده في شرح معاناته على أمل أن يبادروا أصحاب الشركات والتجار في مساعدته في إيجاد وظيفة.
لم يتردد القرشي وبدأ معي الحديث عن حياته إذ كان جهاز التسجيل يسجل ما يسرده من معاناته في البحث عن وظيفة.
انتهيت من عملية تسجيل ما قاله لأقدم له كرتي المدون فيه جميع هواتفي كي يتصل ويكون هناك تنسيق في ما بعد النشر على أمل إيجاد حل سريع لأجل الوظيفة الغائبة .
توجهت مسرعاً إلى مكتب الصحيفة وبدأت بسرد قصة المواطن السعودي والتي كان عنوانها
:
القرشي يصدم المارة في جدة ضد مجتمع وأنظمة
مواطن يصرخ محتجاً في الشارع: سعودي جيعان.. سعودي طفشان... سعودي بلا عمل
صدمة كبرى تعرض لها كل من مر بشارع الأندلس في مدينة جدة أمس، فالمنظر كان مؤلماً إلى حد كبير، مواطن سعودي يفترش الأرض على أحد الأرصفة ويحمل لوحة كتبها، وتقول: "سعودي جيعان.. سعودي طفشان... سعودي بلا عمل... والأجنبي شبعان".
وتبدو قصة ع القرشي (40 عاماً)، واحدة من مئات قصص البطالة التي يعيشها مواطنون سعوديون في البحث عن فرصة عمل، لكن القرشي، كان حالاً استثنائية فقد اختار لغة احتجاج قاسية ضد مجتمع وأنظمة بأكملها، ولم تكن عباراته التي كتبها على اللوحة طريقة أو ابتكاراً للتسول، إذ كان يرفض أي مبلغ يقدمه له أحد المارة.
ويؤكد القرشي الذي تحدث لـ:"......"، أن وقوفه على الرصيف بهذا المنظر ما هو إلا احتجاج صريح على حياته، ويقول:" لم يكن لدي أي حل لمشكلتي سوى الصراخ علناً في الشارع، بعد أن ضاقت بي الحال وسدت جميع السبل".
المفاجأة الكبرى في قصة القرشي، الذي يتوسد فراشه على الرصيف، أنه يحمل شهادات تؤهله للحصول على وظيفة، فهو حاصل على شهادة الثانوية الصناعية ولديه خبرات عدة، وحصل على دورات في الحاسب الآلي واللغة الانكليزية ونظم الالكترونيات المتقدمة وصيانة الطائرات وغيرها.
يتحدث القرشي وهو متألم جداً من ظروفه التي أجبرته على الشكوى بصوت مرتفع ليسمعه المسؤولون ويقفوا على حاله التي أثرت بشكل كبير على حاله النفسية يوماً بعد يوم، ويقول: "واجهت ظروفاً صعبة أثناء دراستي لصيانة الطائرات في الولايات المتحدة الأميركية، وزادت من ذلك الأحداث التي أعقبت تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، إذ قبض عليَّ مع عدد من السعوديين الذين يدرسون صيانة الطائرات، وتم التحقيق معي لمدة ستة أشهر، وأخيراً سحبت ممتلكاتنا من مال وسيارة ومن ثم تم تسفيري إلى السعودية".
وعاد ليقول: "رجعت وأنا أحلم بأن القطاع الخاص سيطلب ودي بحكم الشهادات التي أحملها، ولكن تبخرت تلك الأحلام على أرض الواقع، وأمام أبواب مكاتب العمل في الرياض والمنطقة الشرقية ومحافظة جدة". ويضيف: "ولم أيأس أبداً، واتجهت بنفسي مباشرة من دون وسيط وقدمت أوراقي إلى شركات ومؤسسات عدة، وكان الرد المعروف... "ضع ملفك وسنتصل عليك".
وبحسب القرشي، فإنه لم يكتف بالبحث عن عمل داخل السعودية فقط، وإنما سافر إلى دول الخليج بحثاً عن عمل ولكن من دون جدوى، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه منذ رجوعه من أميركا طلق زوجته بناء على طلبها لعدم قدرته على دفع مطالب المنزل وزوجته وعدم استطاعته على تأمين أبسط المتطلبات الرئيسة للحياة.
ويكمل القرشي حكايته وهو يصر على بقائه والنوم في الشارع حتى انتهاء أزمته، إنه عمل على سيارة استأجرها لإيصال الركاب من محافظة إلى محافظة، ولكن بسبب المخالفات المرورية التي سجلت عليه، تراكمت عليه الديون وأصبحت قيمتها سبعة آلاف ريال لم يستطع دفعها". ويقول: "اضطررت لاستدانة المال من أقاربي، ولا أستطيع الرجوع إليهم خوفاً من مطالبتهم بحقوقهم المالية المستحقه علي.
قصص القرشي في البحث عن وظيفة لا تنتهي، وأكثرها ألماً كما يرويها، أنه تقدم إلى إحدى الشركات للعمل في وظيفة "حمال"، رفضت واستخدمت عاملاً أجنبياً بحجة عدم توافق مؤهلاتي والعمل بهذه الوظيفة
.
ليتم بعدها تسليم المادة والصور لمدير المكتب الذي تحمس لتلك القضية وقام بإرسالها إلى رئيس التحرير كي يعتمد نشرها......مر يوم تلاه يوم آخر ولم يتم نشر الخبر والرجل يتواصل معي عن طريق كبائن الاتصال هل نزل الخبر دون أفصح عن الخبر المؤلم الذي وصلني "قضيتك منعت من النشر!!!"
علي عبدالخالق