05-12-2008, 06:23 PM
|
عضو نشيط
|
|
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 170
معدل تقييم المستوى: 34
|
|
ذئــب و نـعــجــة !
ذئــب و نـعــجــة !
شاهدت برنامجا على إحدى القنوات العربية ، يعالج نكبة "العلاقات المحرمة " التي تفشت في عالمنا العربي . البرنامج استضاف على الهواء ما يربو على خمس عشرة زهرة ذابلة قطفت أوراقهن قبل الأوان ، و انتهى بهن المطاف موصومات بوصمة العار و الخزي ، بعد وعود زائفة بالحب و الزواج و تلك الشراك الوهمية . ما جذب انتباهي هو الخلفية التي صممها البرنامج ، فلم يكن يسمع سوى صوت المتصلات و السيدة التي ترد عليهن ، أما الشاشة فكانت تعرض لقطات مخيفة معبرة أيما تعبير عن تلك المأساة ، بحيث أنها مع المؤثرات الصوتية من بكاء الشابات و عويلهن على الهاتف ، كفيلتان باستدرار الدمع من العيون ، و تقطيع نياط القلوب .
على الشاشة تظهر صورة ذئب أسود ذو عينين براقتين مرعبتين ، و تحت الصورة عبارة " يبدأ بالبحث عن فريسته " ، ثم تتبعها لقطة لنعجة أو ربما حمل يلهو و يرتع في حديقة غناء ، مصحوبة بعبارة " و الفريسة في غفلة منه " ، ثم تليها على الفور صورة لذئب قد جثم على الأرض يتربص ، و قد برزت أنيابه و رجعت أذناه للخلف ، و ضاقت حدقتاه فزادت منظره رعبا ، ثم تظهر عبارة " يستعد للانقضاض " ، ثم يقفز الذئب من مكمنه و يرتاع الحمل الوديع و .. ، تظلم الشاشة ، ثم يظهر الذئب و الدماء تسيل من فمه ، و قد كشر عن أنياب حمراء و عينين يتطاير منهما الشرر ، و بين مخالبه المدماة يرقد الحمل الوديع جثة ممزقة تناثرت دماؤه و أشلاؤه بلا رحمة ، و شيئا فشيئا تتضح عبارة مصبوغة بلون الدم : " و هــي الــضحــيــة " . و على مدار البرنامج الذي استمر ما يقارب الساعات الثلاث يعاد ذلك الفيلم القصير مرة بعد مرة .
______________________________
من الطبيعي للوهلة الأولى أن يكون تعاطف المشاهد مع الضحية أو النعجة ، و لكن نظرة متعمقة في الأمر تكشف كثيرا من الحقائق ، نغفل عنها لغلبة العاطفة على حكمنا .
الحقيقة الأولى هي أن تشبيه الفتاة "الضحية" بالنعجة أو الحمل فيه غبن كبير لهما . فالنعجة بمجرد أن تستشعر قدوم ذئب يتلصص تلوذ بالفرار بأقصى ما تحملها قوائمها الأربع ، فإن ظفر بها فهي فعلا ضحية ، استنفدت كل سبل النجاة . أما الفتاة التي تقع فريسة شراك أولئك الذئاب ، فهي التي تورد نفسها مورد التهلكة ، و هي التي تسعى لحتفها بقدميها ، و ما عاد بخاف على أحد زيف مشاعر الحب الوهمية على الشات و الانترنت ، و ما يتبعها من الفيلم المعروف الذي يبدأ بصورة ، يتبعها رجاء اللقاء ، ثم اللقاء ثم الخلوة ، انتهاءا بالوقوع في المحظور .
و لو أن "شرفها" كان بتلك المنزلة المكرمة التي تنتحب عليها الآن ، لما فرطت فيها من البداية . و ما البداية ؟ البداية هي أول كلمة ، و كم من كلمة جرت على صاحبها من ويلات !! و لو أن الواحدة تبصرت في تلك العلاقة التي جرت إليها مسلوبة العقل و المنطق ، لأدركت أن محبا مخلصا لا يرضى لها أن تكون موضع شبهة أو تهمة ، و لا يتلذذ بمسارقتها سويعات الغرام كلص أعراض حقير .
و لئن كانت الحجة الملصقة دائما بسلوك ذلك الطريق المهلك هو الفراغ العاطفي ، فاين أنت من ربك ؟؟ أين قلبك من مصرف القلوب ؟؟ فعلى بابه وحده تعالى أفرغي هموم قلبه ، و لتجعلي تضرعاتك و توسلاتك له وحده ، فلعمري لا يرى المرء الخير و لن يراه إلا منه سبحانه ! و ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل ، و ما الأمل إلا الله تعالى ، هو وحده لا يعود من ينطرح على بابه خالي الوفاض ، و لا ينزلق من يثق به وحده ثقة عمياء في مزالق الغدر و الخيانة .
{ إِنَّ اللَّه اِشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسهمْ وَأَمْوَالهمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّة يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيل اللَّه فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالْقُرْآن وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّه فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْز الْعَظِيم }
( وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا )
(و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا )
(فمن تبع هداي فلا يضل و لا يشقى )
_______________________________
و كذلك تشبيه لص الأعراض بالذئب لا يخلو من ظلم للأخير . فالذئب لا يصطاد إلا ليأكل و يعيش ، هكذا جبل ، و ما له مندوحة عن اللحم . إن الذئب لا يجوس هنا و هناك يقتل الضحايا ثم يمضي باحثا عن غيرهن ، و هكذا دواليك كأنما هي لعبة استمرأها ! و ليس ياتي قتيلته ينهش لحمها و هو يضحك على أنغام عويلها ، و كأنما غاب عن باله الذي خطط لكل شئ أن جبار السماوات و الأرض مطلع على جريمته النكراء !
أجل أيها الذكي الرعديد ! إن الله مطلع عليك ، وهو يمهل و لا يهمل . و لئن كان المجتمع يبيح لك أن تفلت بجريمتك نظيف اليدين ، لتحيك أخرى قذرة تحت جنح الظلام ، و لئن كنت تستطيع بتدابيرك الستر على نفسك ، و ليس لك ما يفضحك مثلها ، فإن الله ليس ينساك و هو عليك قادر ، قادر على أخذك و أنت تواقع الجريمة جاعلا إياه تعالى أهون الناظرين إليك !
ألا فإن دعوة المظلوم ليس بينها و بين الله حجاب
بل إن الله تعالى ليقول لها : و عزتي جلالي لأنصرك و لو بعد حين !
فمن يتكفل بحمايتك مما أقسم الواحد القهار بعزته لينصرنه ؟؟!
و لعلها بتوبتها النادمة و ندمها التائب تصير أقرب إلى الله ، و أكرم عنده و يعفو عنها ، و أنت غافل لاه و تحسب الله عنك غافلا ، " أيحسب الإنسان أن يترك سدى "
غدا تمسك هي بتلابيبك و تجرك إليه تعالى و تقول : يا رب خذ لي مظلمتي منه !
و أي مظلمة ! و أي قصاص ! " كلا لا مفر ، إلى ربك يومئذ المستقر"
و إذا بك أخرى و أخرى و أخرى كلهن يتعلقن بتلابيبك ، و الصراخ يصدع في جنباتك
" يا رب خذ لي مظلمتي منه "
" يا رب خان الأمانة "
" يا رب لم يتقك في "
" يا رب لم يخف غضبك "
ماذا ستقول له ؟؟
ألم تخطط ؟؟ ألم تحسب حسابك لكل شئ ؟؟
ماذا أعددت لتقول له ؟؟؟
غدا تخنقك ضحكاتك المجلجلة ، و تنقلب دموعا دامية
و تصير صرخاتها هي فرحة باسترداد ما اغتصبته منها
ظننت أنك أقوى منها
و نسيت أن فوق كل قوي أقوى
و فوق كل جبار ظالم ملك الملوك عليه أقدر
إن الله ليس ينساك
إن الله ليس ينساك
إن الله ليس ينساك
_________________________
كلمة أخيرة إليك ..
لربما تتساءلين لم يجلب العار عليك أنت ؟ لم فيك أنت ما يمكن أن يؤخذ دليلا على شرفك من عدمه ؟؟ ، لم توصمين أنت بالوصمة .. ؟؟
أقول لكِ :
إنك خلقت وردة نضرة متفتحة ، قلبك الطهر و العفاف و الفضيلة ، تغلفه بتلات الحياء ، و تحميه أشواك الدين و تقوى الله من يد كل عابث . فإن أنت نزعت أشواكك ، تساقطت بتلاتك ، و صار قلبك عاريا ، يسهل أن تمتد إليه أيدي العابثين ، الذين مات فيهم كذلك خشية الله و تقواه و الحياء منه . فإن أنت رفضت الحماية ، فأي وردة بقيت لك لتحافظي عليها . إن أنت نزعت عنك ثوبك بيديك ، فمن يسترك ؟؟
أعلمت الآن أنه تعالى ما أحاطك بتلك الأشواك التي تحميك و لا تؤذيك و إنما تؤذي من يخطر له أن يمسك – فقط يمسك – بسوء ، ما فعل ذلك تعالى إلا لأنه يحبك ؟ لأنه يخاف عليك ؟؟ ها قد رميت بعيدا بالسياج الذي كان "يقيدك " ، أفلست الآن تتوقين ليضمك ؟؟ ألست تنظرين الآن بحسرة كسيرة إلى تلك الوردة اليانعة الشامخة ، تهفو إليها القلوب ، غير أنها لا تنحني إلا لمن تختار هي و تراه أهلا لها ؟؟ أرايت كيف كَرَّمك بصونك حتى يأتي من ترتضين أنتِ - أيتها الدرة - أن يكشف عنك الستر ؟؟ فإن أنت اخترت تمزيق الستر ، تغبرت الدرة و فقدت قيمتها ، و لم تعودي أهلا للحفاظ عليها .
لا تكوني أيتها الغالية الكريمة قطعة زجاج مدفونة في التراب ، يدوسها كل من هب و دب ، و إنما أنت درة مكنونة و جوهرة مصانة . ليت شعري ما تبغين أكثر من هذا ؟ و ما ذلك الذي يستحق أن تضحي بهذه النعمة الغالية لأجله ؟؟ فإن أنت اخترت النزول لميدان الحرب ، فلا تتعجبي إن انهالت عليك وابلات الرصاص .
و لو أن أحدا استودعك أمانة ، فأهملتها ، فسرقت ، فمَنِ الملام الأول ؟؟ و من ذا الذي يستحق العقاب ؟؟ إنه أنتِ ، لأنك خنت الأمانة فضاعت بسببك . لأنك زينت للسارق السرقة ، و ما كان له أن يجترأ لو رأى منك الحرص ، فلو رأى الظالم على جنب المظلوم سيفا لما أقدم على الظلم ، و إن تجرأ و أقدم بعد أخذك بالأسباب ، سيتكفل بحفظك مسبب الأسباب .
" إن الله مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون "
" إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا "
_____________________________
بيد العفاف أَصون عز حجابي وِبِعِصمَتي أَسمو عَلى أَترابي
وَبِفِكرَة وَقادَة وَقَريحة نَقادَة قَد كَمَلَت آدابي
ما ضَرَّني أَدبي وَحُسنُ تَعَلُّمي إلا بكونى زَهرَة الاِلباب
ما ساءَني خدري وَعَقد عِصابَتي وَطَرازُ ثَوبي وَاِعتِزاز رَحابي
ما عاقَني حَجلي عَن العليا وَلا سَدل الخِمار بِلِمَّتي وَنِقابي
عَن طي مِضمار الرَهان اِذا اِشتَكَت صَعب السِياق مطامح الرِكاب
كَالمِسكِ مَختوم بِدُرج خَزائِن وَيَضوع طيبُ طيبِهِ بِمَلاب
أَو كَالبِحار حوت جَواهِر لُؤلُؤ عَن مَسِّها شَلت يَد الطلاب
درر لِشَوق نَوالِها وَمَنالُها كَم كابِد الغَواص فَصل عَذاب
وَالعَنبَر المَشهود وافَق صونَها وَشُؤنَه تَتلى بِكُل كِتاب
فَأَنَرتَ مِصباح البَراعَةِ وَهيَ لي مَنح الإلَهُ مَواهِب الوَهاب
عائشة التيمورية
منقووووووووووووووووووول
|