السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثيراً ما ينظر المرء إلى من حوله من أبناء مجتمعه ويرى عليهم آثار الفقر والعوز ولقربه منهم شعر بعظم المشكلة وينتابه شعور المساعدة بقدر مايستطيع . ولكن ربما من خلق المشكلة لايعرف حجمها ولا يعرف مدى تأثيرها على أنفس المعسورين والمكلومين من ضيق ذات اليد . وهو يصف نفسه بطبيب المشكلة وهو الذي لديه الدواء الشافي لها . وبما أن مشكلة الفقر منتشرة في بلدنا والبلدان العربية أحببت أن أطرح هذا الموضوع بين أيديكم مستداً على واقع ملموس وحياة مصبوغة بعالم جديد كفانا الله شره ألا وهو الفقر.
الفقر سمة اجتماعية عرفته البشرية منذ أزمنة قديمة . وبسببه رزحت ملايين البشر تحت وطأته . وقد حاولت الأديان والفلسفات منذ القدم أن تحل مشكلة القفر وتخفف من عذابه على الفقراء ولم تفلح. ولكن الإسلام جاء ومعه الحل الأمثل لمشكلة الفقر . وفي عصرنا الحاضر احتلت مشكلة الفقر مكاناً فسيحاً في عقول الناس وقلوبهم . وبدأت المجتمعات تنظر إليه نظرة شؤم وتجعل له خططاً لتجاوزه ويوماً للتعريف بأهميته.
وقد عرف الفقر عند عموم البشر هو عدم كفاية الدخل لذا فمن لم يستطع الوفاء بالتزاماته الضرورية فهو يعتبر فقيراً والعالم لم يعرف الفقر بمعناه الحقيقي فجعلوا له صوراً وأشكالاً ومعياراً وربطوه بالحالات الاقتصادية المفاجئة والمميزات الاجتماعية والمستويات الثقافية.
لذا فإن الفقر يمكن تعريفه بأنه ( عدم القدرة على الوصول الى حد أدنى من الاحتياجات الأساسية والتي تشمل حاجات مادية كالطعام والمسكن والملابس والمياه النقية ووسائل التعليم والصحة . حاجات غير مادية مثل حق المشاركة والحرية الإنسانية والعدالة الاجتماعية.
والفقر قديماً منتشر بين أوساط الناس الذين لا يستطيعون توفير ما يريدونه من احتياجاتهم اليومية الضرورية وذلك لعدم وجود تعليم وتدريب كافي يؤهل لممارسة أعمال يجنى منها ثروة تستر الحال وتبعد شؤم الفقر .
وفي العصر الحديث ومع تطور المدنية كان هناك فرق شاسع بين أوساط المجتمعات. ففيه دول متقدمة ودول متأخرة وهو ما يطلق عليها مسمى العالم الثالث. وكلا الصنفين يوجد بهما فقراء .
ومن هنا نجد إن فقر سكان الدول النامية أشد فقراً من سكان الدول المتقدمة وذلك للسباب التالية :
· جاء الاستعمار وجثم على الدول المستعمرة لفترة طويلة إستنزف ثرواتها وخيراتها واضعف قدرتها المادية والبشرية .
· بعد الحرب العالمية الثانية فكر إقتصاديو العالم بنظام إقتصادي يكفل لهم إستمرارية الحياة الاقتصادية في ظل منظور إقتصادي جديد .
· أسسوا هيئة الامم المتحدة و البنوك الاحتياطية بسويسرا ليسيطروا سيطرة تامة على ثروات العالم وألزموا جميع الدول بالانضمام اليهما .
· جاءوا بفكرة المعاهدات الاقتصادية والتعاون التام بين الدول في هذا المجال ليسيطروا علي منابع الخيرات في كل بلد كما حدث في الهند والباكستان وأفريقيا وجنوب أفريقيا .
· جاءوا بفكرة البنك الاحتياطي وهو ان تضع كل دولة ذهباً في هذا البنك مقابل عملتها المتداولة . شريطة أن يخصم منه 10% سنوياً . وهذا المبلغ يذهب إلى الدول المتقدمة وأصحاب الفكرة الاقتصادية وهم ( يهود ) لذا تجد الدول المتقدمة قامت على خير الدول الفقيرة المستغلة . ونسمع كثيرا من إنهيار العملة في دولة معينة نتيجة سحب من أرصدتها 10% سنوياً حتى أنها لم تستطع الالتزام بتوفير عملة مقابل رصيدها .
· فقراؤهم يتمتعون بخدمات لاتوصف تخفيض في تكاليف المسكن والملبس والمواصلات والصحة والعاطلين عن العمل يصرف لهم مبالغ مالية وكل ذلك قائم على أكتاف الدول المستغلة في خيراتها .
· * لننظر إلى تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الامم المتحدة عام 2000 ـ 2001م والذي يوضح أن سكان الدول العربية يعانون من الفقر البشري وبنسب متفاوته.وقد فندها إلى أربع مجموعات .
1/ المجموعة الأولى الدول ذات الفقر البشري المنخفض مقياس الفقر البشري بها اقل من 10% وتضم كل من : الأردن والبحرين بالترتيب.
2/ المجموعة الثانية تتضمن الدول ذات الفقر البشري المتوسط من 10% الى 20% واغلب الدول العربية تقع ضمن هذه المجموعة وهي : لبنان والكويت وقطر والإمارات وليبيا والسعودية وسوريا وتونس على الترتيب ).
3/ المجموعة الثالثة للدول ذات الفقر البشري المرتفع من 20% الى 30% وتضم عمان فقط .
4/ المجموعة الرابعة وهي ذات الفقر البشري المرتفع جداً أكثر من 30% وتشمل : العراق ( أخيراً ) و مصر والسودان والمغرب واليمن .
· مما سبق نستنتج ان الدول العربية ترزح تحت فقر جلبه لها المستعمر ووضع لها خطط تسير عليها يستنزف من ورائها خيراتها وخلف وراءه انظمة لايشعر المواطن بالامن والاطمئنان الى عدالة تحمية من الظلم والعسف نتج عنه إنفراد السلطة بالثروة وبطرق غير شرعية نتج عنه إنتشار الفساد والمحسوبية واتساع رقعة الفقر.
· نسمع كثيرا عن مساعدات البنك الدولي للدول الفقيرة ولكن هذه المساعدات يعتريها نقص وسوء توزيع في البلدان التي يسودها الفساد نتيجة المشاكل الداخلية وتفرد السلطة باحتكار المساعدات .
وبالمناسبة كتب الاستاذ : محمد معروف الشيباني مواضيع عدة عن فقر المملكة ومستواه ومعاناة المواطنين أحببت إطلاعكم على ما اورده في صيغة تحدي لوزير التخطيط الدكتور / خالد القصيبي .