25-01-2009, 02:23 PM
|
|
عضو سوبر
|
|
تاريخ التسجيل: Nov 2008
الدولة: مكة المكرمة (حيآتي)
المشاركات: 385
معدل تقييم المستوى: 556054
|
|
ما كل ما يلمع ذهبا
الناس أصناف كثيرة كالمعادن ، فمنهم الإنسان الرفيع السامي , والذي تراه كالذهب ، يجذب النظر , ويستهوي الفؤاد ، ويسلب اللبّ , ومنهم الوضيع الدنيء , ومنهم بين بين ؛ فهم درجات يختلف بعضهم عن بعض في سمو النفس وضعتها ,وصفاء النوايا وانحطاطها , واتزان العقول واضطرابها , وكلّ ذلك قد يبدو للناس ظاهراً في أحيان كثيرة , فالمرء يستطيع أن يتعرف على حقيقة الآخر , وما تنطوي عليه نفسه , من خلال معاملته أو حديثه , أو تصرفاته , بيد أن الإنسان قد يخدع أحياناً بالمظاهر الكاذبة ، فيظن الصالحَ في الطالح والنجابةَ في غير النجيب , والأمانةَ في غير أهلها , وفي ذلك أعظمُ الخطر وأفدحُ الضرر.
وبعضُ الناس من ذوي النفوس الضعيفة يتفنن في البهارج الكاذبة والحيل البارعة , ويتخذ لها الوسائلَ والأسباب لتأتي أكلَها بالطريقة التي خُطط لها ؛ فالثياب الأنيقة , والأحاديث المنمقة المعسولة , والادّعاء المتعاظم , والتظاهر بالتقوى والأمانة , والحملة الشعواء على من لا أخلاق لهم , كل هذه الوسائل فعاله في اصطياد الضحية ووقوعها في شراك حبالهم .
وقد كثر هذا النوع من المحتالين حتى سرى الشكّ في النفوس , ودبّ فيها سوء الظن , وانعدمت الثقة حتى في أهلها , وبات المرء ُحريصاً على أن ينأى بنفسه عن كل مأزق قد يورطه فيه مدع كذاب.
ومما يساعد هؤلاء على الوقوع في شراكهم أننا مجتمع متدين يؤمن بالقيم العليا , والمثل الرفيعة , ويعظّمُ من اتصفَ بها , بَيدَ أن الأجدر بنا أن ننظر إلى جوهر الأشياء وأن نتفحصها جيداً ، وأن نفكر ألف مرة وألفا فوقها قبل أن نتعامل مع من نشكّ في حسن نواياهم ؛ لأنّ المظاهر قد تكون خادعة ؛ ولأنه ليس كل مايلمع ذهبا
|