03-03-2009, 12:26 PM
|
عضو مهم
|
|
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 282
معدل تقييم المستوى: 26301
|
|
خطة وطنية... لتسريح العمالة المستقدمة
بقلم الاستاذ / جمال بنون مع الشكر
نشر بحريدة الحياه فى 16.2.2009
إعلامي وكاتب اقتصادي
jamalbanoon@gmail.com
أعرف أن كلامي سيغضب أكثر من 7 ملايين مستقدم وافد في البلاد، وما يقارب مليون ونصف المليون من العمالة السائبة والمقيمة بطريقة غير نطامية، وجيش من الخدم والسائقين والمربيات، إلا انه يجب ان أعترف لهؤلاء جميعاً بأن بلادنا حينما اكتشفت النفط وبدأ يدر علينا أموالاً طائلة، وقتها كان المجتمع السعودي تنقصه الخبرات العلمية والمهنية، فكان لهؤلاء الوافدين من الدول العربية والإسلامية واالآسيوية وبلدان العالم كافة مساهمة واضحة في بناء الوطن وتعليم أبنائه وبناته، لهم منا كل الشكر والعرفان.
ما دعاني الى هذا القول هو اننا حينما فتحنا أبواب الاستقدام من الخارج للوظائف والمهن، كانت الغاية فقط كيف نوفر موظفين وعمالاً لإنجاز مشاريعنا، على اعتبار ان يتم في الجانب الآخر تأهيل سعوديين خلال فترة او مدة زمنية محددة، وبعدها تعود الامور لطبيعتها، بأن يسلم زمام التوظيف الى السعوديين، ولكن بعد مرور اكثر من أربعين عاماً على هذا الموضوع، لا يبدو في الأفق ملامح خطة او رغبة للتخلص من هذه العمالة والوظائف التي يشغلها الوافدون.
أمام كل هذه المعطيات وعدم وجود حوافز اجتماعية واقتصادية، جعلت العامل او الموظف المستقدم يكون لديه هدف واحد، ألا وهو البقاء اكثر مدة ممكنة في البلاد، وجمع اكبر مبلغ ممكن لتحسين مستوياته المعيشية «وهذا حق مشروع» وخلال ايام الطفرة النفطية والاقتصادية، أفرطت الجهات المعنية في منح التأشيرات، والكثير منها من غير مبرر. وسط هذا الزحام بالراحة التي ننعم بها لوجود خدم وحشم من حوالينا، ابتداءً من السوبر ماركت وانتهاءً بسوق الخضار والمواشي، وفي كل مكان، وحتى في المكاتب الفخمة والمطاعم والإدارات الحكومية، ظهرت لدينا مشكلة داخل بيوتنا ومنازلنا، إنها البطالة، بدأنا نعيد الارقام التي سمعناها والمبالغ التي دفعناها، شركات جديدة ومشروعات مختلفة، زيادة رأسمال الكثير من الشركات، أرقام مهولة ومعلومات ضخمة، إذاً لماذا نعاني من البطالة؟ اكتشفنا ان ما قيل كان بالوناً فقط.
يجب ألا يغضب الوافد المقيم في بلادنا، له الشكر والثناء، إن كان هو او هي، فقد قدموا لنا الكثير من الخدمات، إلا أننا مثل كل البلدان في العالم، يهمنا أن نرى أبناءنا وبناتنا موظفين ويعتمد عليهم، الكثير من بيننا سعوديون ومسؤولون اتهموا شبابنا بالاتكالية وعدم القدرة على أداء المسؤولية، وأنه شاب مرفّه كسول، نسوا أنهم تركوه ينام سنوات طويلة اثناء الدراسة وبعد تخرجه، قالوا إن الموظف الاجنبي يتقاضى أجراً أقل، وقالوا إن الموظف السعودي يغيب كثيراً.
إذا كان لدينا الآن ما يزيد على 7 ملايين عامل وافد في السعودية، هل يمكن ان تخبروني كم عدد السعوديين الذين يعملون، سأخبركم، في عام 2007 بلغ عدد السعوديين الذين يعملون في القطاع الخاص نحو 800 ألف فقط، 51 ألف وظيفة منها كانت للإناث، والخبر لا يحتاج الى تعليق، وحتى الآن لا يزال صنبور الاستقدام مفتوحاً على مصراعيه، حينما نسمع أن نسبة 5 في المئة التي تغني عليها وزارة العمل والجهات المختلفة، والحقيقة هذه النسبة لم أسمعها في أي بلد آخر مصنف ضمن دول العالم الثالث، وكأنها نسبة مئوية نزلت من السماء لا يمكن تغييرها على الاطلاق أو إلغاؤها، وإذا ما وظفت شركة سعوديين لديها «فالويل لهم»، وأقصد هنا الموظف السعودي، سوف تمارس معهم ابشع طرق التطفيش المهني والوظيفي، وإن فصلته فإن القضايا العمالية واحدة من الهموم التي يشتكي منها السعوديون من طول فترات الجلسات والمماطلة في تنفيذ الاحكام، فتجد ان الموظف السعودي يتنقل خلال خمس سنوات في اكثر من 15 منشأة، بينما الوافد يمضي في المنشأة نفسها 15 أو 20 عاماً دون منغصات او مضايقات والشواهد كثيرة.
كل دول العالم تأثرت اقتصاداتها، وعمالتها غادرت مواقع العمل نتيجة الازمة المالية العالمية، إلا نحن لم نسمع عن هذا، فاعتقد البعض اننا بخير، بينما الحقيقة ان السعوديين هم اول الضحايا.
حينما يقول نائب وزير العمل السعودي الدكتور عبدالواحد الحميد في ثلوثية الدكتور محمد المشوح، كما نقلتها صحيفة «الحياة» على لسانه الاسبوع الماضي، إن ما يحدث في محال الملابس النسائية «يندى له الجبين»، مؤكداً أن سوق العمل في السعودية «مشوهة»، وقال الحميد إن تشوهاً كبيراً ومدمراً حدث في هيكل الاقتصاد السعودي وهيكل سوق العمل «لأننا فتحنا أبواب الاســـتقدام علـــى مصراعيها، واعتمدنا على العمالة الوافدة بشكل كبير».
وأشار إلى أن رجل الأعمال عندما يفكر في درس جدوى اقتصادية لإقامة مشروع لا يضع في الحسبان إلا قضية رخص العمالة، كما لو كانت هذه العمالة الوافدة التي يستقدمها بأجر منخفض محلية، مشدداً على أن هذا تدمير للاقتصاد «لأنه يكون اقتصاداً مفبركاً ومصطنعاً وليس حقيقياً يقوم على الندرة والوفرة في الاقتصاد»، أليس هذا الكلام خطيراً ويتطلب الوقوف عنده؟
هذا السكوت والتجاهل في قضية وطنية يجب ألا يستمر او يمضي هكذا دون خطة، هل يمكن ان تخبروني في عام 2020، وهو موعد تنفيذ الخطة الاستراتيجية للصناعة، كم سيصل عدد العاملين الأجانب في البلاد؟
|