18-03-2009, 01:57 AM
|
|
مشرفة سابقة
|
|
تاريخ التسجيل: Jul 2008
الدولة: في الليال الوضح!!وفي العتيم الصبح!!
المشاركات: 8,483
معدل تقييم المستوى: 5995818
|
|
في الحرّ في "الجفاف" احبك يا وطن
.....وتبقى يا وطني بريئاً من كل حديث الافك هذا تنظر إلى من كانوا بالامس أبناءك وتتساءل كيف يمكن للابن أن يعق أمه وأباه ثم يطمع في أن يكون هذا سبب دخوله الجنة؟! لو قرأ بتدبر كل من حاول أو سيحاول ايذاء وطنه والإساءة إليه ما قاله ابن الرومي ذات يوم في وطنه اتراه سيقدم على كل ذلك الهراء - لا أظن والله -:
ولي وطن اليت الا ابيعه
...........................والا أرى غيري له الدهر مالكا
عهدت به شرخ الشباب ونعمة
...........................كنعمة قوم اصبحوا في ظلالكا
وحبب أوطان الرجال اليهم
...........................مارب قضاها الشباب هنالكا
اذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم
.............................عهود الصبا فيها فحنوا لذالكا
وأنا ان عجبت.!!!
فلا أعجب سوى من رجل يرضى أن يدنس مكانا فيه صرخ صرخته الأولى ومن هوائه استنشق نسمته الأولى ومن مائه شرب شربته الأولى ثم تراه بعد أن كبر واشتد ساعده يوجه لذات المكان طعنته الأولى ويضع في خاصرته سكين الغدر والخيانة فلا نامت أعين الجبناء:
اعلمه الرماية كل يوم
......................فلما اشتد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي
........................فلما قال قافية هجاني
فأين هؤلاء من شوقي رحمه الله في قوله الذي لو لم يكن له سواه لكفاه حينما ترنم بحب الوطن قائلاً ..
وطني لو شغلت بالخلد عنه
.......................نازعتني إليه في الخلد نفسي
فيا لهذه النفس التي تشتاق إلى وطنها وتحن إليه حتى وهي في جنة الخلد -
وهذا وان عابه من عابه بالمبالغة فيكفيه سمو الفكرة وشرف الانتماء، أم أين هؤلاء من خير الدين الزركلي رحمه الله في قوله الذي لم أغادر وطني يوماً إلا ذكرته ثم دمعت عيناي معه:
العين بعد فراقها الوطنا
.......................لاساكنا الفت ولا سكنا
ريانه بالدمع اقلقها
.......................الا تحس كرى ولا وسنا
ليت الذين احبهم علموا
........................وهم هنالك ما لقيت هنا
ومن لم يجرب يا سادة لوعة البعد عن الوطن والعيش مغترباً بعيداً عن أرضه وأهله فما عرف..!؟
حقاً قيمة الوطن ولا أهمية الحفاظ عليه وعلى كل ذرة من ترابه، والناس في هذا مذاهب شتى لأن منهم من يعتقد أن وطنه لا بد وان يوفر له كل وسائل الراحة والعزة والعيش الكريم وهذا حق لا ينكره عاقل ولكن ما الحل ان لم يتهيأ للمرء كل هذا، أيكون الحل باطلاق الرصاص وترويع الناس وقتل الابرياء، أم يكون الحل بالصبر والاحتساب والبحث الجاد عن الفرصة الأفضل وابقاء الوطن بعيداً عن الاحقاد وتصفية الحسابات، ووالله لو توكل الرجل على الله حق توكله ثم خرج يريد العمل والاستغناء عن طلب الناس اعطوه أو منعوه لرزقه الله كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً.
إن الوطن كلمة مقدسة لا يجوز المساس بها مهما كانت السباب والمبررات، والرجل مطالب بأن يرعى وطنه ويحافظ عليه ويدافع عنه كما يحافظ على نفسه وماله وولده، والله تعالى في محكم كتابه عادل الوطن بالروح والحياة حينما قال عز من قائل: (ولو أنا كتبنا عليهم ان اقتلوا انفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه الا قليل منهم) - فيا ليتنا عندما نقرأ القرآن نتدبر ونفهم! ويا ليتنا ندرك أن الوطن ليس صفقة تجارية ندفع فيهم مبلغاً من المال لنحصل في المقابل على منفعة ما وانما هو الام الرؤوم نعطيها من دمائنا إن احتاج الأمر دون أدنى تفكير في المقابل، وكيف لا أعطي بلاداً هي كما أنشد البكري:
بلاد بها نيطت علي تمائمي
واول ارض مس جلدي ترابها
لقد سافرت شرقاً وغرباً فلم أدع مكاناً اتفق الناس على زيارته إلا زرته ووالله ما زادني هذا إلا حباً في السعودية عموماً وفي الرياض تحديداً - إذ فيها نشأت وعشت وتعلمت - وما زادتني شمسها الحارة وهواؤها الجاف إلا تعلقاً بها، انها وراثة حب المكان وأهله يا سادة واثر الجينات الذي لا يمكن أن تمحيه الايام، وصورة جدي رحمه الله جالساً في عز القيظ يستظل بشجرة لا يكاد ظلها يغطي نصف جسده معتماً بعمامته والريح تسف عليه من التراب ما الله به عالم وفي داخله شعور بأنه في ايوان كسرى أو قيصر!
يا وطني الحبيب ماذا أقول عنك؟ زنت بالفعل:
وشم على ساعدي نقش على بدني
وفي الفؤاد وفي العينين يا وطني
وفي الفؤاد وفي العينين يا وطني!
|