21-03-2009, 09:45 AM
|
|
عضو ماسي
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المدينهـ المنورهـ
المشاركات: 1,679
معدل تقييم المستوى: 437
|
|
ازمات تواجه الشباب!!!!
[frame="15 98"]
السلام عليكم ]ورحمة الله وبركاته
الموضوع طويل شوي لكن فيه فوائد عظيمه اتمنى الجميع يستفيد
أزمات تواجه الشباب :
هناك عقبات وأزمات تواجه الشباب المسلم.
أولها: مرض الشبهات.
ثانيها: مرض الشهوات.
وثالثها: جلساء السوء.
ورابعها: الفراغ وإضاعة الوقت.
وخامسها: البيت وانحرافه يوم ينحرف عن لا إله إلا الله.
وسادسها: الضغينة والبغضاء بين شباب الإِسلام
الأزمة الأولى: مرض الشبهات
فأما الشبهات: فهي مرض خطير، ذكره الله عزّ وجل عن كل ملحد وطاغية، من يوم خلق الله الأرض والسماوات إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ذكر الله هذا المرض عن فرعون في سؤاله لـموسى؟
((قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)).
فهْذا مرض شبهة، جعله يشك في الخالق سبحانه.
فمرض الشبهة، هو: التحير والاضطراب.
وهو مرض إنما يأتي بنقص العلم الوارد، أو البيئة التي يعيش فيها العبد، أو بالخطرات التي تزلزل الإِيمان.
ويكون على أقسام: فمنهم: من يشكك في وجود الخالق سبحانه وتعالى، وهذا هو الإِلحاد الذي كاد أن يهلك شباب الأمة في فترة من الفترات.
ومنهم: من يشك باليوم الآخر.
فهو يؤمن بوجود الله، ولكن لا يؤمن باليوم الآخر، كـابن سيناء الذي يقول: إنما اليوم الآخر لمحات وإشارات، وليس بحقيقة.
والله عر وجل ذكر هذا الصنف، فقال في آخر سورة البقرة: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ الله الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ)).
ومرض الشبهة عالجه القرآن بثلاث علاجات:
أولاً: النظر والتفكر في الكون، فالله عز وجل يقول: ((انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ))، ((أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ)).وكان سبحانه يأتي بالآيات الكونية دون تدقيق في جزئياتها، فيذكر السماء وما فيها من آيات، والأرض وما فيها من عجائب، ويذكر خرير الماء، وخلق الطير، والشجر، والزهر.
ويذكر الشجر، صنوان وغير صنوان، والماء، وكيف كان أصله.
ويذكر النطفة، وكيف تدرَّجت حتى أصبحت إنساناً، ثم يقول سبحانه وتعالى في الأخير: ((أَفَلا تَعْقِلُونَ))، ((أَفَلا تَذَكَّرُونَ)).فالعلاج الأول لمرض الشبهة التي صادفت كثيراً من الشباب: هي النظر في الكون، والنظر في آيات الله عزَّ وجل، والتدبُّر.
ولذلك جعل الله عز وجل من السبعة الذين يظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله: رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه.
وإنما ذكر خالياً ليكون بعيداً عن الرياء والسمعة.
فهو ذكر آيات الله، حتى يقول كثير من العلماء: لا يقتضي ذكر الله التسبيح فقط، والتحميد، والتهليل، بل إذا نظر إلى الجبال والوهاد، والتلال، ففاضت عيناه فهو مأجور.
وإذا نظر إلى المبتلين، والمرضى، ففاضت عيناه فهو مأجور.
وإذا نظر إلى الأطلال، والقبور، ففاضت عيناه فهو مأجور.
يقول أحد تلاميذ شيخ الإسلام : خرجت وراءه يوماً بعد صلاة العصر من الجامع الأموي، فلما اختفى في غوطة دمشق رفع بصره إلى السماء وقال: لا إله إلا الله، ثم فاضت عيناه وبكى، ثم قال:
وأخرج من بين البيوت لعلني أحدث عنك النفس بالسر خالياً
فهو ذكر الله تعالى في خلوته.
فالنظر والاستدلال على قدرة الله تعالى بالتفكر في الكون، من أعظم ما يقضي على مرض الشبهة.
والعلاج الثاني: هو الذكر؛ لأن الله سبحانه وتعالى وصف الذكر مع الفكر، فقال سبحانه وتعالىِ: ((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ الله قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)).يقول ابن تيمية وهو يتحدّث عن بعض الملاحدة الذي أراد الإِيمان ولكن الله ما أراد له ذلك، بأنه شكا حاله لبعض العلماء فقال: في قلبي ظلمات بعضها فوق بعض.
هو يريد أن يهتدي لكن في قلبه ظلمات وحجب.
فقال له هذا العالم: عليك بكثرة الذكر بعد الصلاة.
قال: لا أستطيع.
قال: لا استطعت، ((فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ الله قُلُوبَهُمْ وَالله لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)).
والله تعالى يقول: ((أَلا بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)).
والله تعالى يقرن في كتابه كثيراً بين التوحيد، وبين الذكر والاستغفار، ولذلك يقول سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: ((فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الله وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ)).
وقال عن يونس بن متى عليه السلام، يوم يروي قصته وتوبته أنه قال: ((لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)).فأعظم ما يمكن أن يقضي على مرض الشبهة والشك والحيرة والاضطراب في الرسالة والرسول صلى الله عليه وسلم، وفي الله عز وجل، وفي اليوم الآخر، وفي الغيبيات، بعد التفكر والاستدلال والنظر هو: الذكر.
وثالثها: كثرة النوافل، وإنما خصصت الذكر لأنه أهم، بل هو أفضل من كل نافلة.
فالنوافل هي التي تنهي الاضطرابات، ككثرة الصلاة، والعبادة، والتقرب إلى الله ليزيل تلكم الشبهات.
الأزمة الثانية: مرض الشهوات
أما الأزمة الثانية: فهي مرض الشهوات.
ومعنى الشهوات، أي: المعاصي.
فذاك مرض العقائد، وهذا مرض الأعمال.
وهذا المرض، وقع فيه بنو إسرائيل: اليهود ، قال سبحانه وتعالى: ((فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ)).والأمراض في القرآن ثلاثة:
مرض الشبهة الذي ذكرته، وقد وقع فيه ملاحدة العالم حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ومرض الشهوة، وقد وقع فيه بنو إسرائيل، وغيرهم من ضعيفي النفوس والهمم.
ومرض الجهل، وقلَّة العلم، وقلَّة الفقه، وقد وقع فيه النصارى ، ومن شابههم.
ولذلك يذكر الله الضلال مع النصارى ، ويذكر الله الغضب واتباع الهوى مع اليهود .
قال سفيان بن عيينة : من فسد من علمائنا ففيه شبه بـاليهود ، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه بـالنصارى .
وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لتتبعنَ سَنَنَ من كان قبلكم شبراً شبراً، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه.قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى ؟
قال: فمن الناس إلا هم؟
) . (1).
ولذلك وجد من طلبة العلم، ومن العلماء، نعوذ بالله من ذلك، من وقعوا في ما يحقق فيهم قوله تعالى: ((أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ))،
وقوله تعالى: ((كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ))، وقوله تعالى: ((وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)).فمرض الشهوة، وهو: مرض المعاصي، وقع فيه كثير من الشباب، كالنظر الحرام، وشهوة استماع الأغنية، وشهوة النظر إلى المجلة الخليعة، وشهوة مجالسة البطالين، وشهوة اللغو، وشهوة الكذب، وشهوة النميمة، والغرور والبهتان.
فأكثر الشباب وقعوا في مرض الشهوات، لا مرض الشبهات الذي لا يقع فيه إلا أصحاب الخوض في الأمور الفكرية، والفلسفية، والظنون، والوساوس.
وعلاج الشبهات يكون باليقين، وبالعلم النافع.
وعلاج الشهوات يكون بالصبر.
قال سبحانه وتعالى: ((وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ))، أي صبروا عن الشهوات، وتيقَّنوا عند الشبهات، فنصرهم الله وجعلهم أئمة، فمن لم يصبر عند الشهوة فليس بإمام ولن يكون إماماً.
ومن لم يتيقن عند الشبهة فليس بإمام.
فمرض الشبهة يعالج باليقين، ومرض الشهوة يُعالج بالصبر، ((وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِالله)).
قال الإمام أحمد : ما رأيت كالصبر، تدبَّرت القرآن فوجدت فيه تسعين موضعَاً يتحدَّث عن الصبر.
فالله الله يا شباب الإِسلام في الصبر، فهو علاج الشهوات.
يقول حافظ الحكمي رحمه الله:
وعن محارم الإِله فاصبر واستعن بالله وإياه اشكرِ
وأعظم ما يعالج الشهوة أيضاً هو الصلاة.
فإنه ما نظر من نظر إلى المحرمات، وما استمع من استمع للمحرمات إلا لأنه أساء في الصلاة.
الأزمة الثالثة: أزمة جلساء السوء
والله عزَّ وجل، ذكر في القرآن جلساء السوء، وجلساء الخير، يقول سبحانه وتعالى: ((قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَالله إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ)).هذان رجلان: جليس صالح، وجليس سيء، كان السيئ يقول في الحياة للجليس الصالح: أتزعم أن ربك يبعثك إذا كنت عظاماً وتراباً؟
أتظن أنك تدخل الجنة؟
أتظن أن هناك جنة وناراً؟
وهذا موجود في كل زمان ومكان.
ومن سنن الله القدرية أن يُجلس جلساء السوء، بجانب جلساء الخير، ((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا))، هادياً يهدي القلوب، ونصيراً ينصر بالسيف.
ولكن ذاك الصالح ما أطاعه فأسلم، فلما توفي دخل الجنة، ودخل ذلك النار، فيقول المهتدي لإخوانه ولزملائه وهم على الأرائك، نسأل الله من فضله: ((هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ)) يقول: تريدون أن تتطلعوا على النار لتروا زميلي وجليسي السيئ، الذي استهزأ بالدين في الحياة؟
((فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ)) في وسط النار، ((قَالَ تَالله إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ))، يقول: كدت تغويني في الحياة فأصبحت قريباً من الغواية بسببك، فنجَّاني الله من وساوسك وظنونك.
ويقول تعالى عن الجلساء: ((الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)).
قال أحد أهل العلم من الوعاظ: إياك والجليس السيئ، ولو زعمتَ أنك تهديه فإنه يضرك، لأن الجرباء تعدي الصحيحة ولا تعدي الصحيحة الجرباء.
فهل سمعتم أن صحيحة أعدت الجرباء؟
فالواجب أن لا يُخالط الناس إلا من آنس في قلبه تقىً، وصلاحاً، ورشداً، بحيث لا يغويه الجلساء السيئون؛ لأن تأثيرهم شديد.
ولذلك ورد في الحديث عن سعيد بن المسيب عن أبيه المسيب بن حزن بن أبي وهب المخزومي قال: (لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل صلى الله عليه وسلم فدخل أبو جهل وعبد الله بن أمية فجلسا عند رأس أبي طالب .
فقال صلى الله عليه وسلم : يا عم، قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله). (1)
ولولا دخل هؤلاء الجلساء لقال: لا إله إلا الله، لكنهم ما زالوا به حتى في سكرات الموت، حتى لم يقلها فأدخله الله النار.
والجليس السيء يدخل بمداخل:
منها: أن يغريك بالمال وهو فتنة.
يقول ابن تيمية : من احتجت إليه فأنت أسيره، ومن احتاج إليك فأنت أميره، ومن استغنيت عنه فأنت نظيره.
فالناس على طبقات، إما أن تكون أسيراً، أو أميراً، أو نظيراً.
والجلساء على هذه الطبقات، إما أن يجالسك فيصبح أميراً لك، أو أسيراً لك، أو نظيراً لك.
فإن احتجت له في معاملاتك الدنيوية من مال، أو واسطة، أو كسب، أو أسرة، أو غرض دنيوي، فقد تأمّر عليك.
ولذا كان من السنة: أن يستغني العبد عن الآخرين ويحاول جهده في ذلك.
والرسول صلى الله عليه وسلم لما بايع أبا بكر وسبعة معه اشترط عليهم ألا يسألوا الناس شيئاً.
حتى كان يسقط سوط أحدهم من على الفرس فلا يسأل أحداً أن يناوله إياه، وورد في صفة المتوكلين الذين يدخلون الجنة بلا حساب أنهم: (لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون). (1)
فهم إذاً لا يطلبون النفع، ولو كان جائزاً، إلا من الله تعالى وحده، فقد حققوا التوحيد أيما تحقيق.
الشاهد: أن الجلساء يدخلون من هذه المداخل.
وإذا احتاج إليك كنت أسيره، فاتق الله فيه، إذا احتاج إليك في خدمة دنيوية، فاجعلها وسيلة؛ لأن تهديه إلى الله عز وجل، وتكون له سبباً من أسباب الهداية.
أما إذا لم تحتج إليه، ولم يحتج إليك، فهو مساوٍ لك، وأنت مساوٍ له، فلا فضل لأحد على الآخر.
والجلساء على قسمين: منهم من تستطيع أن تؤثر فيه بالمخالطة فاستعن بالله، واتق الله فيه.
فالرسول صلى الله عليه وسلم أعظم من خالط جلساء السوء، فقد خالط المشركين والمنافقين، واليهود ، والنصارى ، ولكنه كان صلى الله عليه وسلم مؤثراً لا متأثراً.
وإمّا جليساً إذ خالطته أثّر فيك، فاهرب منه، وفرّ منه فرارك من الأسد.
لأن بعض الناس قوي الشخصية، ولو كان ضالاًّ، فإذا دخلت معه في المجلس، استولى على الحديث، وتكلَّم، وأخذ الوقت في محاضرة وفي تأثير، فلا تستطيع مجاراته ولو بكلمة، فهذا لا يُجالس إلا بقدر أن يسمع البلاغ، ثم لا تمكّنه من عقول الناس.
الأزمة الرابعة: ضياع الوقت
وأما الأزمة الرابعة: فهي ضياع الأوقات، الذي يُبتلى به كثير من الشباب، ولو صلّى وصام وحج واعتمر.
والوقت عندنا في الإسلام يكون لخدمة الآخرة، ولو كان عملاً دنيوياً، ويكون ذلك بإخلاص النية، وتوجيهها وجهة الآخرة.
أما الجلوس بلا عمل، ولو كان دنيوياً فهذا مرض عُضال يُصاب به البعض.
قال عمر رضي الله عنه: [إني لأرى الرجل ليس في مهنة من الدنيا، ولا عمل للآخرة، فيسقط من عيني].
قال تعالى: ((وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا)).
فالليل يخلف النهار، والنهار يخلف الليل، وهو كنز لمن أراد أن يستغله في فكر، أو طاعة، أو عبادة، أو علم نافع.
دخل أحد الأخيار المسجد، فوجد رجلاً حزيناً فسأله: ما بك؟
فإذا هو قد فاتته صلاة الجماعة.
فانظر إلى حزنهم ولوعتهم على ضياع الأعمال الصالحة، وانظر إلى تفريطنا نحن الذين تضيع منا الصلوات تلو الصلوات، ونخسر الأجور تلو الأجور، فالله المستعان.
ويقول تعالى مبيناً أن الإنسان لم يُخلق للعبث: ((أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى الله الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ)).يقول ابن القيم : الضياع على عشرة أسباب؛ وأعظمها ضياع القلب، وضياع الوقت، ولا عوض منها أبداً.
فالقلب إذا ضاع منك، فقد خسرت مصيرك.
والوقت إذا ضاع منك، فقد ضاع عمرك.
أشابَ الصغير وأفنى الكبير كر الغداة ومَرّ العشي
إذا ليلة هزمت يومها أتى بعد ذلك يوم فتي
نروح ونغدو لحاجاتنا وحاجة من عاش لا تنقضي
تموت مع المرء حاجاته وتبقى له حاجة مابقي
وقال الحسن البصري : [كل ما أصبح صباح نادى منادي: يا ابن آدم اغتنم هذا اليوم فإنه لا يعود أبداً إلى يوم القيامة].
وقيل لـكرز بن وبرة : اجلس معنا، قال: احبسوا الشمس!
لأنها لن تعود أبداً لهذا اليوم.
وكان ابن عقيل رحمه الله، لا يضيع شيئاً من وقته، فإذا أتى ينام فكر فيما يكتب غداً، وإذا استلقى ليرتاح سبّح واستغفر، فهو ما بين عبادة وعلم.
فالله، الله، يا شباب بحفظ أوقاتكم، فإنها والله لا تعود لكم إذا فرطتم فيها، فاستغلوها، واكسبوا فيها خيراً من عبادة، أو علم، أو نفع للآخرين، أو دعوة.
أزمات أخرى
أخيراً: هناك بعض الأزمات لم أتطرق إليها، وهي معلومة للجميع.
منها: أن يكون البيت الذي يعيش فيه الشاب منحرفاً.
فيكون الشاب في صراع داخلي مع أهله، حيث يصرفونه عن الهداية، وهو يريدها، فواجبه الصبر والدعوة لهم لعل الله تعالى أن يحدث بعد ذلك أمراً.
وهناك الضغينة التي تنشأ بين الشباب بسبب الاختلافات التي لا بد من حدوثها بين البشر.
فواجب الشباب أن يعالجوها بالعذر للآخرين، ومباحثتهم بالحب والمودة، وأن يدعو لبعضهم بظهر الغيب.
هذا في مسائل الفقه والمسائل الاجتهادية في أمور الدعوة، وهو الذي يحدث كثيراً بين الشباب.
أما المسائل الأصولية، فالجميع والحمد لله متفق عليها.
والله أعلم، وصلَّى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم.
بقلم الدكتور/عائض القرني حفظه الله ورعاه
[/frame]
التعديل الأخير تم بواسطة المرهق ; 21-03-2009 الساعة 09:54 AM
|