19-03-2007, 05:11 PM
|
عضو سوبر
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 476
معدل تقييم المستوى: 37
|
|
أقتراح سينجح السعودة
جهود السعودة لم تنجح حتى الآن في تحقيق اعتماد أكبر على العمالة المواطنة، وتواجه صعوبات بالغة جعلت الصفة الملازمة لقراراتها التأجيل والتراجع عنها مرة تلو الأخرى. والغريب أن الطفرة التي يعيشها اقتصادنا الوطني حاليا والتي تزيد من حجم أعمال الشركات وربحيتها، ويفترض بالتالي أن تجعلها أكثر قدرة على توظيف العمالة السعودية، اُستغلت من قبل قطاع الأعمال بشكل معاكس تماما، وأصبحت مبررا إضافيا للنكوص عن جهود السعودة، وسبباً للمطالبة برفع جميع قيود الاستقدام بحجة تمكين الشركات والمؤسسات الخاصة من المشاركة بفاعلية في المشاريع الجديدة. الأمر الذي يؤكد أن سعودة سوق العمل لا يمكن أن تتحقق من خلال قرارات لا تصحح قوى سوق العمل وتجعلها تعمل لصالح توظيف العمالة المواطنة، وأن جهود السعودة طالما اصطدمت بمصالح أصحاب الأعمال، فإنهم لن يألوا جهدا في التصدي لها وإفشالها بكل وسيلة ممكنة، واستخدام كل عذر زائف لضمان استمرار توظيفهم لعمالة أجنبية متدنية الأجر.
وحيث لا يوجد خيار آخر أمامنا عدا نجاح جهود السعودة وتفعيل دور مواردنا البشرية الضخمة المهدرة حاليا، فإن الحل في تبني برنامج لتشجيع السعودة يتعامل بشكل مباشر مع مشكلة اختلال قوى سوق العمل، ما يجعلها من جديد تعمل لصالح توظيف العمالة المواطنة من خلال مكافأة الشركات المتبنية للسعودة وردم الفجوة الشاسعة بين تكلفة توظيف العمالة الأجنبية والمواطنة. يأتي ذلك من خلال إنشاء صندوق يودع فيه جميع الرسوم المفروضة على توظيف العمالة الأجنبية حاليا، والتي تشمل رسوم الاستقدام، الإقامة، رخص العمل، رسم صندوق الموارد البشرية، نقل الكفالات، تأشيرات الخروج والعودة، وغيرها من رسوم، يصرف منه إعانات للشركات والمؤسسات الخاصة حسب عدد السعوديين العاملين لديها الذين تزيد رواتبهم على حد معين، ولنقل أربعة آلاف ريال شهريا. على سبيل المثال، لو افترضنا أن إيرادات الصندوق لهذا العام تبلغ عشرة مليارات ريال، وكذلك افترضنا ارتفاع عدد العاملين السعوديين في القطاع الخاص الذين تزيد رواتبهم على أربعة آلاف ريال نتيجة تطبيق هذا البرنامج إلى 500 ألف موظف، فإنه بقسمة إيرادات الصندوق على عدد العاملين نحصل على حجم الإعانة المستحقة عن كل سعودي يزيد راتبه على أربعة آلاف ريال، والتي ستكون في هذه الحالة 20 ألف ريال سنويا، أو 1666 ريالا شهريا. أي أن كل شركة تكافأ بقدر ما تخلقه من فرص وظيفية، فشركات مثل "سابك"، "الاتصالات السعودية"، و"الكهرباء السعودية"، تمتاز بارتفاع نسبة سعودتها، ستحصل على مبالغ كبيرة تسهم في زيادة قدرتها التنافسية، وتحد من تأثر ربحيتها جراء اعتمادها الكبير على العمالة السعودية، وتشجعها على تبني خطط سعودة أكثر طموحا.
وبتطبيق هذا البرنامج ستجد الشركات والمؤسسات الخاصة أن تخفيض العمالة الأجنبية وزيادة العمالة السعودية يقلل من تكاليف توظيفها العمالة الأجنبية ويزيد من مكافأة توظيف العمالة المواطنة، ويجعل الفجوة الشاسعة القائمة حاليا بين تكلفة توظيف العمالة الأجنبية والسعودية تضيق بشكل كبير، ما يزيد من جاذبية العمالة السعودية ويساعد على توظيفها. على سبيل المثال، لو افترضنا أن تكلفة توظيف العامل الأجنبي، عدا راتبه، التي تشمل الرسوم المختلفة التي يتحملها صاحب العمل حاليا إضافة إلى تذاكر السفر وتكاليف النقل والسكن والمواصلات والعلاج ونحوها من تكاليف تبلغ 800 ريال شهريا، وأن صاحب العمل سيحصل على إعانة لن تقل قيمتها عن 1600 ريال عن كل عامل سعودي يزيد راتبه على أربعة آلاف ريال، فإن إجمالي ما يكسبه صاحب العمل عند استغنائه عن عامل أجنبي وتوظيف سعودي بدلا منه سيزيد على 2400 ريال شهريا، ما يجعل التكلفة الفعلية لتوظيف عامل سعودي راتبه أربعة آلاف ريال على صاحب العمل لا تزيد على 1600 ريال، وهو مبلغ يقل في معظم الأحيان عن تكلفة توظيف عامل أجنبي.
إن هذا البرنامج يمتاز بقدرته على خفض تكلفة توظيف العامل السعودي، في الوقت نفسه يسمح فيه بتحقيق رفع كبير في الحد الأدنى لأجره لا يتحمله صاحب العمل، ما يشجع على توظيفه ويجعله أكثر تقبلا للعمل في القطاع الخاص. وحال بدء تطبيق هذا البرنامج، سنرى نجاحا مبهرا لجهود السعودة، قد يكون حتى أكثر المتحمسين لها حاليا يرونه مستحيلا في ظل الصعوبات الهائلة التي تواجهها الآن. ومن خلال زيادات دورية في مختلف رسوم توظيف العمالة الأجنبية يمكن زيادة موارد الصندوق ما يساعد على المحافظة على معدلات الإعانة نفسها، حتى مع حدوث زيادة سريعة في عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص، بل حتى قد يكون من الممكن زيادة الإعانة وبالتالي رفع الحد الأدنى للأجر الذي تستحق بموجبه. أي أننا من خلال معالجة اختلالات سوق العمل التي تضطر صاحب العمل إلى توظيف العمالة الأجنبية وتجعله مستميتا في مقاومة السعودة، نجعل مصلحته في تبني جهود السعودة، وعدم قيامه بذلك ثمنه زيادة تكاليفه وتراجع قدرة منشآته على المنافسة، أي أن تصبح السعودة وسيلة لزيادة القدرة التنافسية لا سببا في الحد منها كما هو حاليا
|