تأسس الموقع عام
2006
Site was established in 2006
أضف رد |
|
LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|||
(رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير)..
رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير) (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير).. لم يملك نبي الله موسى من أمره سوى هذه الكلمات القليلة الموجزة التي فتحت له أبواب السماء، بعد أن هام على وجهه في الأرض طريدا شريدا لا يلوي على شيء خشية أن يقتله آل فرعون.
فقد قطع موسى -عليه السلام- عشرات الكيلومترات يتملكه الرعب هربا من مصر إلى بلدة مدين جنوب فلسطين، ولسان حاله يقول (رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)، بعد أن ثار ضده المصريون ليقتلوه بعد أن تورط خطأ في قتل قبطي كان يتشاجر مع أحد بني إسرئيل. وفي طريق لا يعرف نهايته وشعابه ولا يأمن من قطاعه سار يجتاز الفيافي والأودية.. يتوقع الشر في كل خطوة.. مترقبا.. يلتفت لأوهى الحركات وأخفاها، تقع في أذنيه كوقع السيوف على الرقاب. ولم يقطع موسى هذا السفر على فرس أو بعير مجهز بالزاد والطعام، بل اتخذ قدميه الحافيتين راحلة يتبلغ بهما إلى قصد لا يعلمه، وليس له من الطعام إلا البقل وورق الشجر، فما إن وصل إلى مدين حتى سقطت نعل قدميه، وبطنه لاصق بظهره من الجوع، وإن خضرَة البقل لتُرى من داخل جوفه، يتلمس من الطعام ولو شق تمرة. معاناة أخرى ومع أن وصول موسى لمدين منحه قسطا من الأمان، حيث شعر بأنه توارى عن عيون تبحث عنه لتفتك به، إلا أنه بدأ معاناة أخرى حيث أصبح غريبا طريدا بلا مأوى.. فقد وطنه الذي كان فيه معززا منعما في قصر فرعون مصر الذي اتخذه ولدا له. كما وجد في نفسه وحشة؛ فقد ترك الأهل والأصحاب فجأة ولم يكن ذلك في حسبانه، إذ لم يكن أوحي إليه حينئذ. وبينما هو في هذه الغربة الموحشة، التي اختلطت فيها الآلام المعنوية بالجوع والعطش وانعدام المال، ورد ماء مدين ليروي عطشه ويبل كبده. لكنه رأى مشهداً يلهيه عن ذلك لم يكن يعلم أيضا أنه بمثابة مفتاح سيخرجه من آلامه، هذا مشهد لا ترضاه النفوس الأبية ولا تقبله الفطر السوية... وجد الرعاة يوردون أنعامهم لتشرب، ووجد هناك امرأتين تمنعان غنمهما أن ترد مع غنم أولئك القوم خشية أن تؤذيا أو يحل بهما مكروه.. إنها الاستهانة بحق الضعيف, حتى لكأنما الدنيا ملك الغني القوي فحسب... لقد أثار هذا الموقف في نفس موسى من الرحمة والشفقة والمروءة ما أثار.. الشيء الذي جعله ينسى رهق الطـريق وتعبه، فيتقدم لإقرار الأمر في نصـابه وإعادة الحق إلى أصحابه.. تقـدم ليسقي لهما أولاً قبل أن يتولى إلى الظل ليرتاح. توجه أكبر فلما سقى لهما توجه ببدنه إلى الظل ليتقي شدة الحر، ولكن توجهه الأكبر كان في قلبه وروحه حين توجه إلى ظلال رحمة الوهاب, توجه إلى الله يناديه ويعرض حاله عليه ويناجيه قائلا (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ). لم ينته موسى من كلماته حتى جاءته إحدى الفتاتين تحمل معها مفتاحا لحل مأساته، فقد حملت معها دعوة من أبيها إلى موسى خلاصتها (إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا). وحمل هذا اللقاء مع والد الفتاة، وهو الرجل الصالح المعروف "شعيب"، حلا لكافة المشاكل التي يمكن أن يعانيها الغريب الهارب. فبعد أن قص عليه موسى قصته هدّأ من روعه وطمأنه بأنه صار في مأمن، قائلا: (لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ), فكان هذا فرجا من أول همومه وهو الأمن بعد الخوف. كما زوجه إحدى ابنتيه لتنفك بذلك مشكلة أخرى، وهي فقدانه لأهله ويجد له أنيسا في بلده الجديد. ولم يقتصر الأمر على ذلك بل عرض عليه عملا يتكسب منه، لتحل بذلك كافة مشاكله بما فيها المأوى. |
أضف رد |
(( لا تنسى ذكر الله )) |
|
|
|